تركيا دعت الاتحاد الأوروبي إلى دفع أثينا إلى الحوار الثنائي حول الخلافات بينهما في شرق البحر المتوسط وبحر إيجه
دشنت أثينا وأنقرة، أول من أمس (الاثنين)، «خط الصداقة» البحري بين مدينتي سالونيك اليونانية وأزمير التركية، في خطوة يمكن أن تبرّد السخونة التي سادت أخيراً في أجواء بحر إيجه، وذلك بالتزامن مع دعوة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الاتحاد الأوروبي إلى دفع اليونان لحوار ثنائي مع بلاده؛ لتسوية الخلافات بينهما، في حين حافظ وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو على نبرة عالية، محذراً أثينا من الاحتماء بالغرب لأن ذلك لن يفيدها.
وقال إردوغان إن على الاتحاد الأوروبي دعوة اليونان إلى حوار ثنائي مع تركيا بدلاً من دعم ما سماه «المبادرات غير العادلة وغير القانونية» بشأن مشاكل شرق البحر المتوسط وبحر إيجه.
وأضاف إردوغان، في تصريحات عقب ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء التركي في أنقرة، ليل الاثنين – الثلاثاء، أنه أكد خلال اجتماع المجتمع السياسي الأوروبي، في براغ الأسبوع الماضي، كما في جميع المحافل، رغبة تركيا في إيجاد حل لمشاكل شرق المتوسط وبحر إيجه في إطار القانون الدولي، و«ننتظر من الاتحاد الأوروبي دعوة الطرف الآخر (اليونان) إلى حوار على أساس ثنائي بدلاً من دعم المبادرات غير العادلة وغير القانونية» بهذا الشأن.
وتصاعد التوتر بشدة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (الناتو) في الفترة الأخيرة؛ بسبب ما أعلنته تركيا من مضايقات من جانب الطيران الحربي اليوناني لطيرانها الحربي في أجواء بحر إيجه عقب المشاركة في مهام تابعة للناتو في 23 أغسطس (آب) الماضي، ثم قيام اليونان بنقل 23 مدرعة أميركية إلى جزيرة مدللي (لسبوس) و18 مدرعة أخرى إلى جزيرة سيسام (ساموس)، يومي 18 و21 سبتمبر (أيلول) الماضي. وهو ما احتجت عليه تركيا في 26 سبتمبر (أيلول) لدى اليونان والولايات المتحدة؛ باعتبار الجزيرتين من الجزر ذات الوضع العسكري بحسب الاتفاقات الدولية، ولا يمكن تسليحهما بحسب اتفاقيتي لوزان وباريس للسلام.
وإلى جانب النزاع حول جزر بحر إيجه، تشكل موارد الطاقة الهيدركربونية (النفط والغاز الطبيعي) في شرق البحر المتوسط محور خلاف عميق بين تركيا واليونان، ووصل الصدام إلى أوجه في صيف عام 2020 عندما قامت تركيا بعمليات تنقيب عن الغاز في مناطق، قالت اليونان إنها ضمن منطقتها الاقتصادية الخالصة. وتجددت الخلافات بعد توقيع تركيا مذكرة تفاهم مع حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها في ليبيا برئاسة عبد الحميد الدبيبة، الأسبوع الماضي، تتعلق بموارد الطاقة في شرق المتوسط، اعتبرتها اليونان اعتداء على منطقتها الاقتصادية.
وبعد ساعات من تصريحات إردوغان، وجّه وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو تحذيراً جديداً لليونان من الاعتماد على دعم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، قائلاً: «إذا كنتم تعتمدون على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وتحتمون بالغرب، فإننا نقول لكم صباح الخير، استيقظوا من هذا الحلم، فهذا لن يفيدكم ولن يقف أحد بجانبكم».
واعتبر جاويش أوغلو، في مقابلة تلفزيونية الثلاثاء، أن اليونان منزعجة من ثقل تركيا على المستوى العالمي وليس الإقليمي فقط، واتهمها بانتهاك القانون الدولي والمعاهدات والاتفاقات المبرمة من خلال تسليح جزر بحر إيجه. وقال إن اليونان تواصل القيام بأعمال استفزازية ضد تركيا، ودعاها إلى الالتزام بمبدأ حسن الجوار وعدم التهجم على بلاده في المحافل الدولية.
وعن الدور الأميركي في الخلافات القائمة بين بلاده واليونان، قال جاويش أوغلو إن «ميزان الولايات المتحدة اختل، ومن الخطأ الفادح أن يختل ميزانها من أجل إرضاء بعض اللوبيات».
وفي خضم التوتر، وبعد تراشق مسؤولي البلدين الجارين بالتصريحات الحادة على مدى 4 أشهر، منذ زيارة رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس واشنطن، ومطالبته بمراعاة التوتر في شرق المتوسط عند التفكير في بيع مقاتلات «إف 16» الأميركية لتركيا، والرد التركي الحاد على هذه المطالبة، انطلقت رحلات نقل بحرية للركاب في بحر إيجه بين مدينة سالونيك اليونانية وإزمير التركية، ضمن ما يعرف بـ«خط الصداقة».
ووصلت السفينة «سيمرنا دي ليفانت»، الثلاثاء، إلى ميناء إزمير (غرب تركيا) مبحرة من مدينة سالونيك اليونانية، وهي الرحلة الأولى بين المدينتين. وكُتبت على السفينة التي رفعت علمي تركيا واليونان، عبارة «خط الصداقة بين إزمير وسالونيك» وحملت 119 راكباً، إلى جانب شاحنات وسيارات.
وقال رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة إزمير، محمود أوزغانار، في بيان، إنه بالإمكان تطوير وسيلة نقل متكاملة تبدأ من إزمير عن طريق البحر وصولاً إلى سالونيك، ثم أوروبا.