النقل البحري

تحديد سقف لسعر النفط الروسي يعرقل النقل البحري أمام “الذهب الأسود”

يتسبب بدء سريان الحظر الأوروبي على النفط الروسي وتحديد سقف لسعره في عرقلة النقل البحري للذهب الأسود، الذي تباطأ أصلا بسبب إجراءات جديدة مرتبطة بتأمين الناقلات.

منذ الاثنين، حظر الاتحاد الأوروبي عمليات تسليم النفط الروسي المنقول بحرا بأكملها تقريبا، في حزمة عقوبات جديدة ضد روسيا بسبب الحرب التي تشنها على أوكرانيا.

تُضاف إلى ذلك آلية تحديد سقف لسعر النفط الروسي صادق عليها الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع وأستراليا، تنص على مواصلة تسليم النفط المُباع بسعر أقصاه 60 دولارا للبرميل فقط. وفي حال كان السعر أعلى من هذا السقف، يُمنع على الشركات التي تتخذ من هذه الدول مقرات لها توفير الخدمات التي تسمح بالنقل البحري، لاسيما التأمين.

على الورق، الخطة سهلة: وقف الموارد المالية لروسيا عبر إبقاء سعر نفطها منخفضا بدلا من سحبه من السوق.

وإذا كان المحللون يتفقون على القول إنه لا يزال من المبكر التنبؤ بتأثير هذه الآلية، فإن تداعياتها الأولى بدأت تظهر.

زحمة ناقلات نفط

منذ الأربعاء، تنتظر ناقلات نفط في البحر الأسود للسماح لها بعبور مضيقَي البوسفور والدردنيل في تركيا.

وباتت تركيا تطلب، حاليا، أن تبرز السفن الراغبة بالإبحار في هذا الطريق التجاري الأساسي لنقل النفط الروسي أنها مؤمنة، بما في ذلك في حال انتهاك آلية تحديد سقف السعر عبر تقديم بوليصة “تأمين حماية وتعويض”.

ونوادي الحماية والتعويض هي جمعيات تأمين متبادل غير حكومية وغير ربحية تقدم التأمين البحري لأعضائها؛ وهم مالكو السفن والمشغلون والمستأجرون والبحارة التابعون للشركات الأعضاء. وتغطي الحماية سلامة البحارة، بينما يغطي التعويض الخسارة.

وفي حين توفر شركات التأمين البحري التقليدية تغطية الهيكل والمحركات لملاك السفن وكذلك البضائع لأصحابها، تقدم نوادي الحماية والتعويض حماية ضد المخاطر المفتوحة التي تتردد شركات التأمين التقليدية في تأمينها؛ إلا أن النوادي الغربية ترفض توفير تأمين عام لجميع مالكي السفن.

وأكد نادي لندن للحماية والتعويض (London P&I Club) ، الاثنين، أن النوادي “لا يمكنها ولا ينبغي عليها منح” تأمين من هذا النوع؛ لأن ذلك سيشكل “انتهاكا للعقوبات الغربية”.

وقال ماركوس بايكر، المسؤول العالمي عن قسم “الملاحة البحرية والشحن” لدى شركة مارش للتأمين، إن النوادي تتبنى هنا موقفا “براغماتيا”.

في الواقع، يتعين على كافة السفن التجارية حيازة هذا التأمين البحري الخاص، الذي يغطي مخاطر حصول حرب أو اصطدام والأضرار البيئية مثل التسرب النفطي.

وتملك ما بين 90 في المائة و95 في المائة من “نوادي الحماية والتعويض” جهات تأمين في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا لم يعد لديها الحق في تأمين شحنات النفط المُباع بسعر يفوق 60 دولارا للبرميل.

ويشرح بايكر أن آلية تحديد سقف لسعر النفط الروسي “تزيد تعقيد وضع معقد أصلا”، وهو أمر من المفترض أن يُبطئ صادرات النفط الروسي و”أن يكون له التأثير الذي ترغب به مجموعة السبع بكل الأحوال”.

“الالتفاف على العقوبات”

أكد كرايغ إرلام من شركة “أواندا” أنه رغم ذلك فإن تحديد سقف لسعر النفط الروسي بحد ذاته لا يغير كثيرا لناحية السوق.

ويتم تداول برميل النفط الروسي (الخام من جبال الأورال)، حاليا، بأقل من 60 دولارا؛ ما يجعل السقف المحدد عديم الفعالية.

إضافة إلى ذلك، أوضح إدواردو كامبانيلا، من مصرف “يونكريديتو”، أن “موسكو تسعى جاهدة إلى الالتفاف على منع التأمين، عبر توفير تغطيتها الخاصة لزبائنها المحتملين بواسطة الشركة الوطنية الروسية لإعادة التأمين التي تسيطر عليها الدولة”.

وأشار محللون كثرٌ أيضا إلى زيادة في عدد ناقلات النفط غير الشرعية التي ليس واضحا من يملكها.

وأكد كامبانيلا، بناء على بيانات وكالة الطاقة الدولية، أنه، في شتنبر، لم يكن يتم تحميل أكثر من نحو مائة ألف برميل يوميا “معلومات عن وجهتها”، مقابل 450 ألف برميل يوميا في أكتوبر.

وقال مسؤول في شركة نقل بحري متخصصة في المنتجات النفطية المكررة، طلب عدم الكشف عن اسمه، لوكالة فرانس برس، إن “هناك ما يكفي من قدرات نقل بحري في ما يسمى الأسطول الشبح (…) لتتمكن روسيا من بيع نفطها بدون أن يؤخذ في الاعتبار السقف المحدد للأسعار”.

تُضاف إلى ذلك السفن التي لا تبالي بالعقوبات، إذ إن هناك شركات تكرير مستعدة لدفع سعر أعلى بدل نقل النفط الروسي؛ لأنها ستكون لا تزال رابحة مقارنة بأنواع أخرى من النفط تُباع بأسعار أعلى بكثير.

وحسب هذا المسؤول، فإن تكاليف الشحن “قد تراوح بين سبعة وعشرة أضعاف السعر العادي”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى