النقل الجوي

مع ارتفاع تكاليف تأجير الطائرات .. كيف تواجه شركات الطيران تحدياتها؟

بدأت شركات الطيران تعود إلى الربحية بعد أن تكبدت خسائر كبيرة خلال الجائحة. مع ذلك، هناك سحابة تلوح في الأفق: زيادات حادة في تكلفة استئجار طائرة.

أكثر من نصف الطائرات التجارية في العالم مملوكة أو مدارة من قبل شركات تأجير، وأسعارها آخذة في الارتفاع. بالنسبة لطائرات إيرباص A320neo وبوينج 737 ماكس – أكثر الطائرات ذات الممر الواحد رواجا – ارتفعت معدلات الإيجار 14 في المائة و20 في المائة على التوالي منذ أدنى مستوياتها خلال الجائحة، وفقا لشركة آي بي أيه لاستشارات الطيران.

القفزة في رسوم الإيجارات هي نتيجة أخرى لدفع البنوك المركزية العالمية لرفع أسعار الفائدة في وقت ينهي فيه ارتفاع التضخم حقبة التمويل الرخيص. تعني أسعار الفائدة المرتفعة أن لدى الشركات المختصة التي تمتلك أساطيل الطائرات وتؤجرها ديونا أكثر تكلفة. يجب على المؤجرين حساب كيفية تمرير تكاليف الاقتراض هذه إلى شركات الطيران التي تتعامل مع ارتفاع تكاليف الوقود والعمالة حاليا.

جمعت” أير ليس”، وهي شركة تأجير مقرها لوس أنجلوس، الأسبوع الماضي 700 مليون دولار من خلال طرح سندات بسعر فائدة 5.85 في المائة، ما يقرب من ضعف سعر الفائدة على إصدار سندات مشابهة في كانون الثاني (يناير).

قال فيليب باجالي، محلل في شركة ستاندرد آند بورز جلوبال، إن الصفقة، وهي أول طرح من نوعه للسندات منذ الأزمة الروسية الأوكرانية، تعد “ريادية إلى حد ما. كان عليهم أن يدفعوا أعلى كثيرا مما اعتادوا الاقتراض به، لكن هذا هو واقع السوق.”

قال ستيفن أودفار هازي، الرئيس التنفيذي لشركة أير ليس، إنه لم يشهد زيادة تكلفة رأس المال بهذه السرعة منذ سبعينيات القرن الماضي، عندما كان التضخم مستفحلا.

سرعة الارتفاع تجعل من الصعب تمرير تكاليف تمويل أعلى لشركات الطيران، لكن أودفار-هازي قال إن شركة أير ليس قد بدأت تمرير هذه التكاليف بالفعل. شركات الطيران، التي ارتفعت أسعار إيجاراتها بالفعل بسبب شح المعروض من الطائرات والطلب القوي، تقاوم ذلك.

أضاف: “دائما ما تقاوم الخطوط الجوية. فلم يكن هناك على الإطلاق شركة طيران تقول إن أسعار الإيجار لدينا منخفضة للغاية. إنه مثل بازار كبير في إسطنبول: شركة التأجير تقول إن سعر الإيجار لديها هو 100، وشركة الطيران تقول 80، ونحن نأمل أن نتفاوض عند سعر 99 ونصف”.

كثير من شركات الطيران طلبت من المؤجرين مساعدات مالية خلال الجائحة. لكن الملاءة المالية والربحية عادت إلى الرحلات الجوية. قال أودفار-هازي: “لذلك من الصعب للغاية الاعتراف بفقرها. نعم، سنعمل مع عملائنا، لكنهم يقرؤون الصحف، ويرون ما يجري. فتكلفة التمويل آخذة في الارتفاع”.

كثير من شركات الطيران أشارت إلى ارتفاع أسعار الفائدة فيما يتعلق بعقود الإيجار في مؤتمرات مكالمات الأرباح الأخيرة.

أخبرت شركة ويز إير الهنجارية المستثمرين الشهر الماضي أنها استفادت من “هياكل أسعار الفائدة الثابتة التي تمول 94 في المائة من أسطولها الحالي”. في الولايات المتحدة، قال جيمي ديمبسي، المدير المالي لشركة فرونتيير إيرلاينز، إنها مولت 35 من أصل 37 عملية تالية لتسليم الطائرات، “قمنا بذلك بطريقة وضعت حدا أعلى للتعرض لأسعار الفائدة على كثير من اتفاقيات الاستئجار هذه”.

قال آندي كرونين، الرئيس التنفيذي لشركة أفولون الإيرلندية لتأجير الطائرات، إن معدلات الإيجار تتحرك صعودا لكل من الطائرات الجديدة والمستعملة استجابة لنقص المعروض من الطائرات في السوق، وارتفاع أسعار الفائدة وانسحاب بعض المؤجرين من السوق، خاصة أن بعضهم من آسيا.

ارتفاع أسعار الفائدة ضرب سوق السندات المكونة من حزم عقود إيجار الطائرات. من المتوقع أن تبلغ قيمة الصفقات لهذه الأوراق المالية المدعومة بالأصول 1.1 مليار دولار في 2022 مقارنة بـ9.2 مليار دولار العام الماضي، الأمر الذي يكشف عن سوق متغيرة، حسب قول بول أودريسكول، مستشار الطيران في شركة إشكا جلوبال.

أضاف: “لا أحد يريد شراء حزمة من الطائرات المستأجرة لأن لديهم عقود إيجار حقبة التيسير الكمي، بينما يمكن للمستثمرين الحصول على عوائد حقبة التشديد الكمي من خلال توفير رأس المال لمعاملات الإيجار الجديدة”، في إشارة إلى حركة البنوك المركزية المفاجئة لتشديد السياسة النقدية.

ستكون المساومة المتوترة بين المؤجرين وشركات الطيران محدودة إلى حد ما لأن 15 إلى 20 في المائة فقط من أسطول المؤجرين يجدد عقد الإيجار في أي عام معين.

ارتفعت أسعار إيجار السوق الحالية للطائرات الجديدة من 5 إلى 10 في المائة. لكن هذه ليست 30 في المائة التي قد تكون مطلوبة بالنظر إلى زيادات أسعار الفائدة التي شهدناها هذا العام. قال روب موريس، رئيس الاستشارات العالمية في شركة أسيند باي سيريوم، “لذلك سيواجه المؤجرون بعض الضغط في هامش الأرباح”.

لدى دخولهم في المفاوضات، يشير المسؤولون التنفيذيون في مجال التأجير إلى أن شركات الطيران لم تتردد في رفع الأسعار على عملائها. أظهرت بيانات حكومية أن متوسط أسعار تذاكر الطيران في الولايات المتحدة ارتفع 22 في المائة على أساس سنوي في الربع الثاني من 2022.

وقال أودفار-هازي: “إن شركات الطيران تتعرض لضغوط هائلة جراء زيادة التكاليف، لكنها تمكنت من تمريرها إلى المسافرين عبر رفع أسعار التذاكر. لذا فإن شركة أير ليس ليست مذنبة في هذا الصدد. إننا نحاول ببساطة التعامل مع الحقائق الاقتصادية”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى