إيرادات سياحيةضخمة تعكس انعدام فرص النجاة والتعافي للأقتصاد اللبناني
لا تزال فرص التعافي والنجاة تبتعد عن اقتصاد لبنان المتأزم، وهذا ما عكسته إيرادات سياحية ضخمة بعزوفها عن المصارف “لعدم الثقة”.
انعدام الثقة في اقتصاد لبنان
أكثر من 6 مليارات دولار دخلت لبنان في فصل الصيف من السياحة، بحسب تقديرات رسمية. لكن معظم هذه الأموال لم تدخل القطاع المصرفي؛ “بسبب عدم الثقة”، كما ذكر نقلًا عن الخبير الاقتصادي وليد بو سليمان.
وأدخلت حملة “أهلاً بهالطلّة” السياحية إلى البلاد 6.6 مليار دولار، خلال فترة الـ90 يوماً التي امتدّت من أول يونيو/حزيران إلى نهاية أغسطس/آب 2022، جرّاء قدوم نحو 1.6 مليون زائر إلى لبنان.
وخرج من هذه الأموال نحو 2.5 مليار دولار؛ “وبقي حوالي 4.1 مليار دولار “في فلك الاقتصاد اللبناني”، وفقاً لوزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار، خلال إطلاقه الحملة الترويجية للسياحة الشتوية، مقدّراً أن تستقطب 700 ألف زائر، للفترة من بداية ديسمبر 2022 إلى منتصف يناير 2023، ما سيولّد للبلد إيراداتٍ تناهز 1.5 مليار دولار.
ويعاني لبنان من انهيار مالي على مدى السنوات الثلاث الأخيرة، عندما تحوّلت عقود من سوء الإدارة والفساد إلى أزمة متزامنة: مصرفية، وتخلُّف عن سداد ديون دولية، وانهيار بسعر صرف العملة. وانكمش الاقتصاد اللبناني 60% منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في أكتوبر 2019، بموازاة امتناع المصارف عن إعطاء المودعين أموالهم بالدولار. وتراجعت الليرة بأكثر من 95% من السعر الرسمي، ليتم تداولها بالآونة الأخيرة عند حدود 38 إلى 40 ألف ليرة للدولار في السوق السوداء.
الإيرادات السياحية التي حققها لبنان خلال موسم الصيف تجاوزت ضعف المتوقّع، حيث كانت تُشير التوقعات إلى تحقيق 3 مليارات دولار كحدّ أقصى، معظمها ناتج عن زيارة المغتربين اللبنانيين المنتشرين حول العالم لبلدهم الأم خلال عطلة الصيف.
رغم ذلك، فالوضع الاقتصادي لم يشهد تحسناً ملحوظاً، بالنسبة للمواطنين على الأقل. وينوّه وليد بو سليمان بأن “كل هذه الأموال لم تدخل الجهاز المصرفي، لكن زاد الادخار”. موضحاً بأن “الأموال التي جنتها القطاعات السياحية، كالفنادق والمطاعم وشركات المواصلات، والمواطنين ادخروها ولم يدخلوها إلى المصارف لأنه لا ثقة بالجهاز المصرفي”.
ويتابع الخبير الاقتصادي: “لا شك أن إيرادات السياحة حرّكت العجلة الاقتصادية، لكن ليس اقتصاد الدولة لأن الدولار لم يدخل بكامل الدورة الاقتصادية”.
غير أنه في ظلّ الأزمة السياسية التي تتجلّى بعدم انتخاب رئيس للجمهورية، والاقتصادية بفعل تأخُّر إقرار خطة التعافي، والمالية نتيجة جمود المفاوضات مع صندوق الدولي، توحي المؤشرات أن مليارات الدولارات السياحية التي تتدفق إلى لبنان سيكون لها انعكاس محدود على الدورة الاقتصادية، والمواطنين، ومرشّحة لتكون فرصة جديدة ضائعة على اقتصاد البلاد المنهك.
وكان حاكم مصرف لبنان المركزي، رياض سلامة، قد أعلن في الأسبوع الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2022 إن المصرف سيتبنى سعر صرف 15 ألف ليرة للدولار بدءًا من الأول من فبراير/ شباط 2023، مشيرًا إلى أنّه إذا أقرّ قانون الضوابط على رأس المال (كابيتال كونترول) فستُلغى تعاميم البنك المركزي السابقة.
وأكّد سلامة أنّ البلاد دخلت الآن في عملية “توحيد أسعار الصرف .. وسيتعامل البنك المركزي مع الأسواق بسعر 15 ألفًا ابتداء من بداية فبراير/ شباط 2023”.
ويبلغ سعر الصرف الرسمي الذي يُطبّقه البنك المركزي حاليًا هو 1507 ليرات للدولار، وهو معدل لا يعكس القيمة الفعلية للعملة التي انهارت منذ عام 2019 وخسرت أكثر من 95% من قيمتها.
وأشار سلامة إلى أنّ مرحلة توحيد الصرف بدأت مع إقرار الدولار الجمركي من قبل وزارة المال عند سعر 15 ألف ليرة، لافتا إلى أنّ مصرف لبنان سيعدّل سعر الصرف في التعاميم التي أصدرها سابقًا (151- 158) سترفع سعر صرف الدولار إلى 15 ألف ليرة بدلًا من 8000 و12 ألف ليرة.
ورأى وزير المال اللبناني في تصريح سابق، أن إلغاء سعر 1507 ليرات هو بداية جيدة، مشيرًا إلى أنّ هذا هو الموقف الذي اتخذته الدولة.
وكانت الوزارة في سبتمبر/أيلول قد أعلنت، اعتزام السلطات اللبنانية تعديل سعر الصرف الرسمي لليرة، ليصبح 15 ألفًا مقابل الدولار بداية من نوفمبر/تشرين الثاني.
ويسعى لبنان إلى الحصول على دعم من البنك الدولي الذي قد أعلن بالفعل استعداده لتقديم تمويل للشعب اللبناني بما بين 300 و500 مليون دولار.
ويستهدف تمويل البنك الدولي موضوعات التغطية الاجتماعية الذي تزداد أهميته مع تصاعد نسبة الفقر، ولمشاريع أخرى تتعلق باستدامة الغذاء والزراعة المستدامة، بحسب ما أفاد به نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فريد بلحاج.
واقترح البنك الدولي والمؤسسات المانحة قيام السلطات بإصلاحات هيكلية متعددة تتضمن، إصلاح قطاع الكهرباء لمساعدة لبنان في الخروج من الأزمة المالية إذا نفّذت الإصلاحات.
وبناء عليه، رفعت مؤسسة كهرباء لبنان الحكومية، سعر الكهرباء للمرة الأولى منذ التسعينيات، بمقدار 10 إلى 27 ضعفًا، مقارنة بالأسعار الحالية.