النقل الجوي

دشنت العديد من شركات الطيران رحلات جوية مكوكية يومية من وإلى قطر لنقل المشجعين الراغبين في مشاهدة مباريات كأس العالم في غضون 24 ساعة.. فماذا كانت نتيجة ذلك على البيئة؟

كثافة الرحلات الجوية تثير الشك بصحة الحياد الكربوني لمونديال قطر قالت قطر إن بطولة كأس العالم محايدة الكربون، لكن خبراء يشككون في ذلك، خاصة مع زيادة عدد الرحلات الجوية خلال المونديال بشكل كبير، ما يعني تضاؤل التدابير البيئية في قطر

شكوك حيال إدعاء قطر بتنظيم بطولة محادية كربونية

جرى الترويج لمونديال كأس العالم 2022 الذي استضافته قطر باعتباره بطولة محايدة الكربون. إذ قال الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” قبل انطلاق المسابقة على موقعه على الإنترنت إن منظمي البطولة “ملتزمون بتقديم نسخة خالية من الكربون في كأس العالم قطر 2022”

وأضافت المنظمة التي ترعى شؤون كرة القدم في العالم أن “الطبيعة المُحكمة لكأس العالم 2022 ستلغي السفر لمسافات طويلة بين المواقع مقارنة ببطولات كأس العالم السابقة؛ ما يعني تقليل الانبعاثات الكربونية المترتبة على ذلك”

وفي مقابلة مع القناة الثانية الألمانية (زي. دي. إف/ ZDF)، قالت تالار ساهسوفار أوغلو ، مديرة اللجنة المنظمة لكأس العالم الخاصة بالبيئة والاستدامة: إن مونديال قطر يعد “بطولة مضغوطة للغاية، فلا توجد رحلات جوية داخل البلاد مثل بطولات كأس العالم السابقة”

بيد أن هذه البيانات والتصريحات مضللة وفقا لتقصي الحقائق الذي قامت به DW

وفقا لتقرير القياس المحاسبي لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري الذي أعده الفيفا وجرى نشره قبل البطولة وتحديدا في يونيو / حزيران، فإن إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في البطولة ستبلغ حوالي 3,6 مليون طن من ثاني أوكسيد الكربون

وقالت الفيفا إن معظم الغازات المسببة للاحتباس الحراري خلال البطولة سوف تنجم عن الرحلات الجوية وأماكن إقامة الزوار فضلا عن تشييد مشاريع بنية تحتية من بينها سبعة استادات جديدة

وأضافت أن نسبة 51,7 المئة من إجمالي الانبعاثات التي ستصدر عن بطولة كأس العالم والبالغة 3,6 طن كربون، ناتجة عن السفر

وقال التقرير إن المنظمين “تعهدوا بقياس وتخفيف وتعويض جميع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في كأس العالم لكرة القدم 2022 مع تطوير حلول تعمل على تخفيض الانبعاثات الكربونية في قطر والمنطقة”. لكن مجموعة من الخبراء ألقوا بظلال من الشك على هذه التعهدات والتقديرات

بلغ سعر الإقامة في هذه الكرفانات “الكبائن” مئة دولار في الليلة خلال مونديال قطر

مونديال قطر..هل حقا بطولة محايدة الكربون؟

وقد ذكر تحليل أجرته منظمة “كاربون ماركت ووتش” غير الحكومية في أكتوبر/ تشرين الأول أن منظمي البطولة عمدوا إلى تقليل الانبعاثات الكربونية بشكل كبير على الأرجح خاصة فيما يتعلق ببناء ملاعب كرة القدم وتشغيلها واستخدامها على المدى الطويل

وانتقد التحليل خطط تعويض الانبعاثات الناجمة في وسائل النقل وغيرها التي لا يمكن تجنبها

وتقول قطر البلد ذات تعداد سكاني يبلغ 2.9 مليون نسمة، إن الملاعب الجديدة سوف يتم إعادة استخدامها بعد انتهاء المونديال، لكن وسائل إعلام أشارت إلى أن مثل هذه الخطط تفتقر إلى التفاصيل

بيد أنه في الآونة الأخيرة، بدأ التركيز ينصب على الرحلات الجوية خلال البطولة فيما ذكر تقرير القياس المحاسبي لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري الذي أعده الفيفا أن “كافة الملاعب ستكون على بعد 50 كيلومترا من وسط العاصمة القطرية الدوحة ما يمهد الطريق أمام الحفاظ على السفر والانتقال بين المباريات إلى الحد الأدنى”

وبحسب التقديرات الرسمية، فإن قرابة 51٪ من الانبعاثات خلال المونديال مصدرها وسائل النقل، لكن جيل دوفراسن، مسؤول السياسة في منظمة “كاربون ماركت ووتش”، قال إن هذه التقديرات لم تتضمن الرحلات اليومية من دول الخليج

وذكرت وسائل إعلام أن 160 رحلة يوميا أقلعت من الكويت وعمان والسعودية والإمارات لنقل عشاق الساحرة المستديرة إلى قطر بسبب نقص أماكن الإقامة في الدولة المضيفة

تعتبر مساحة دولة قطر الخليجية صغيرة للغاية مقارنة مع باقي دول العالم العربي، إذ تبلغ حوالي 11500 كيلومتر مربع وللمقارنة تعد أيرلندا أكبر بسبع مرات من قطر

طائرات استعراض جوي في سماء قطر

وقبل وأثناء البطولة، سلطت تقارير صحفية الضوء على نقص أماكن إقامة زوار قطر خلال البطولة خاصة ذات الأسعار المعقولة. حيث ذكرت التقارير أن المنتخبات المنافسة والوفود المرافقة والمسؤولون والجهات الراعية قد حجزت النسبة الأكبر من غرف الفنادق خلال البطولة

وقد أفاد تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية بوجود حوالي 30 ألف غرفة فندقية متاحة بحلول شهر مارس / آذار، لكن من الصعب التأكد من عدد الغرف المتاحة بشكل دقيق؛ فيما تواصلت DW مع منصة “زوروا قطر” وهيئات حكومية أخرى للحصول على أرقام مفصلة عن أماكن الإقامة ومعدلات الإشغال، لكن لم يتسن بعد الحصول على رد

وفي مقابلة قال خبير الطيران الألماني ستيفن وينزل: إن النقص الواضح في أماكن الإقامة في قطر لم يترك لمشجعي كرة القدم خيارا سوى السفر إليها، فيما كانت الرحلات الجوية الخيار الواقعي الوحيد لعشاق الساحرة المستديرة لعدة أسباب ابرزها عدم وجود شبكة سكك حديدية إقليمية لمنطقة الخليج

وفي ضوء ذلك، اختار العديد من المشجعين البقاء في دول جوار قطر، إذ أقام نادي مشجعي المنتخب الألماني في دبي حيث ذكر يان هونغزرماير، المتحدث باسم النادي، في مقابلة مع DW أن أعضاء النادي كانوا يفضلون تنبى خيار أكثر استدامة بالإقامة في قطر

وأضاف “لكن مشكلات التنظيم” أجبرت أعضاء النادي على الإقامة في دبي

بدورها، قالت جوليا زين، المسؤولة عن التنسيق في النادي والتي زارت قطر مؤخرا، إن السرد القائل بأن مونديال قطر كان بطولة محايدة الكربون “غير صحيح” بسبب أن رحلات السفر الداخلية تركزت على المطار، ما يعني وجود القليل من الخيارات الأخرى (سوى الطيران)”

ازداد عدد الرحلات الجوية من وإلى الدوحة بشكل كبير ما زاد من كمية الكربون والانبعاثات التي تسببها الطائرات

وخلال البطولة، دشنت العديد من شركات الطيران رحلات جوية مكوكية يومية من وإلى قطر لنقل المشجعين الراغبين في مشاهدة مباريات كأس العالم في غضون 24 ساعة. فيما جرى أيضا إعادة تشغيل مطار الدوحة الدولي لمواكبة الزيادة المتوقعة في الحركة الجوية رغم قرار إغلاق المطار أمام شركات الطيران التجارية في عام 2014 بعد افتتاح مطار حمد الدولي

وقد أشار موقع فلايت اوير FlightAware المتخصص في متابعة الرحلات الجوية إلى وجود “ارتفاع ملحوظ في عدد رحلات القدوم والمغادرة في مطار حمد الدولي بين 20 نوفمبر / تشرين الثاني و 12 ديسمبر/ كانون الأول بمتوسط 586 حركة طيران في اليوم الواحد”

أما فيما يتعلق بمطار الدوحة الدولي، فقد ازدادت حركة الطيران بمعدل أربعة أضعاف خلال الفترة ما بين 20 نوفمبر/ تشرين الثاني و 2 ديسمبر/ كانون الأول لتصل إلى 200 رحلة طيران يومية بعد أن كان المعدل يصل إلى 50 رحلة يومية في السابق

وقد ذكرت هيئة الطيران المدني القطرية في تغريدة أن “الحركة الجوية حتى نهاية الأسبوع الثالث من بطولة كأس العالم فيفا قطر 2022 بلغت 18298 حركة طيران”

وفي ضوء تزايد الرحلات الجوية خلال المونديال، يشكك العديد من الخبراء في إدعاء قطر بتنظيمها بطولة محايدة الكربون. فيما ألقت جوليان جريصاتي، مدير البرامج في “غرينبيس” بالشرق الأوسط وشمال افريقيا، بظلال من الشك على التقديرات بأن مونديال قطر تسبب في انبعاثات كربونية تصل إلى حوالي 3,6 مليون طن من ثاني أوكسيد الكربون

وقال دوفراسن إنه على الرغم من أن كافة الأحداث الرياضية الضخمة السابقة أضرت بالبيئة، إلا أنه يتعين التدقيق فيما يتعلق بمونديال قطر نظرا لأن المنظمين يتباهون بأن المسابقة تعد أول بطولة محايدة الكربون. واضاف دوفراسن “اتخذت الفيفا واللجنة المنظمة القطرية هذا القرار رغم أنهم ليسوا في حاجة إلى ذلك، لكنهم أقدموا على ذلك لتدشين حملة خضراء والقول إن البطولة محايدة الكربون. وهذا ما يعد إشكالية لنا”

ومن أجل الحصول على تعليق من السلطات القطرية، تم الاتصال بالعديد من الجهات الحكومية للوقوف على البيانات الدقيقة بشأن حركة الطيران خلال مونديال قطر فضلا عن مدى توافر أماكن إقامة المشجعين وعدد الزوار. وفي هذا الصدد تم التواصل مع اللجنة العليا للمشاريع والإرث وهيئة الطيران المدني القطرية ومكتب الاتصال الحكومي القطري ومنصة “زوروا قطر”، لكن لم يتم الرد على الطلبات المتكررة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى