سيارات

«سايبر تراك» من شركة تسلا .. هل تنهي بساطة عمالقة التكنولوجيا؟

عندما كشف إيلون ماسك النقاب عن شاحنة تسلا “سايبر تراك” للمرة الأولى، كان تصميمها مفاجئا، بحجمها الكبير ذي الزوايا، بدت الشاحنة الكهربائية الصغيرة غريبة وغير عملية. أثناء مشاهدتي الحدث الحي في أواخر 2019، افترضت أنها كانت للمعجبين حصريا، لكن على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، تشير التقديرات إلى أن الطلبات المسبقة تجاوزت مليون سيارة. شاحنة سايبر تراك دليل على أن كثيرين منا مستعدون لشيء جديد.

هيمنت جمالية “أبل” الخفيفة المهذبة على المنتجات التي تصنعها شركات التكنولوجيا الكبرى لأعوام. نحن محاطون بحواف سلسة، ومستديرة ومجموعات ألوان خافتة، حيث يمكنك رؤيتها في الهواتف الذكية، ومكبرات الصوت الذكية، والروبوتات المنزلية، والسيارات بدون سائق والساعات وغيرها من الأجهزة. كما أنها انتقلت إلى نظارات الواقع الافتراضي التي يتم التجهيز لإطلاقها في 2023.

في عالم من التصاميم المقيدة، يأتي تصميم شاحنة سايبر تراك الوحشي بمنزلة راحة. كلا، فهي لا تبدو عملية خاصة في شوارع لندن أو نيويورك المزدحمة بالتحديد. نعم، تمت مقارنتها بسدادة باب رمادية اللون، لكنها على الأقل لا تبدو كأي شيء آخر.

لم تكن الأمور على هذا النحو دائما. في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، اشتهرت شركة أبل بأجهزة الحاسوب الشخصية ذات الألوان الزاهية. حيث كانت الألوان المتألقة والتصاميم ذات الطابع السميك شائعة في الهواتف وأجهزة الألعاب، لكن بمجرد أن أصبح مالكو المنازل مفتونين بالديكورات الداخلية الاسكندنافية، نمت شعبية البساطة بشكل أكبر في أجهزة التكنولوجيا الشخصية. اعتمادا على ذوقك، ستكون النتيجة إما تماثلا مرضيا أو توافقا مملا.

تم إلقاء اللوم على هيمنة تصميم شركة أبل في المساهمة فيما تصفه مجلة “إن بلاس وان” n+1 بأنه التصميم الحديث “غير الجوهري، والمسطح وعديم اللون”، الذي يميز منتصف القرن. والواقع هو أنه تم اعتماد فلسفة التصميم هذه على نطاق واسع لأنها كانت شائعة، ثم أصبحت مملة. كما يبدو أن الشيء نفسه قد أصاب البرامج التلفزيونية التي تمولها خدمات البث الرئيسة عبر الإنترنت. تشير مجلة “فايس” إلى أن معظم عروض شركة نتفليكس يتم تصويرها في صورة قريبة تقليدية وبسيطة، وهذا يعني أن كثيرا من البرامج تتشابه في المظهر، بغض النظر عن المحتوى الذي تقدمه.

لكن سيارة سايبر تراك مختلفة. لم يكن هناك أي شيء ممل في حدث الإعلان عنها، حيث تفاخر ماسك بموادها المستخدمة في المركبات الفضائية ونوافذها الزجاجية المدرعة، ثم ليشاهد بعدها المصمم الرئيس يحطم إحدى تلك النوافذ عن طريق الخطأ. كما لم يكن الأمر مملا عندما تم تصوير ماسك بالفيديو من قبل موقع “تي إم زد” الإخباري وهو يقود إحدى هذه السيارات حول لوس أنجلوس بعد بضعة أيام، ويرتطم بحاجز عند مغادرته مطعم نوبو الذي يرتاده المشاهير.

لسوء الحظ، لا تزال شاحنة سايبر تراك غائبة. فعندما عرضت على الجمهور لأول مرة، قال ماسك “إن الإنتاج سيبدأ أواخر 2021”. بحلول أيلول (سبتمبر) من العام الماضي، لم يكن قد تم صنع السيارة بعد، على الرغم من وجود مزاعم على منصة تويتر بأنها ستكون قادرة على الطفو على الماء. ما زال تأخير تواريخ الإنتاج مستمرا. في مكالمة مع المستثمرين في تشرين الأول (أكتوبر)، قال ماسك “إن شركة تسلا كانت في المرحلة الأخيرة، وأن الإنتاج سيبدأ في منتصف 2023”.

سيكون إنتاج سيارة سابير تراك بمنزلة برهان على أن “تسلا” لا تزال على المسار الصحيح، حتى لو لم تنجح في إطلاقها قبل أن تطلق شركة فورد الشاحنة الكهربائية الصغيرة الخاصة بها.

كما أن الانخفاض الحاد في سعر سهم شركة تسلا قد ضاعف من حدة الضغط. كان استياء المستثمرين من الوقت الذي يقضيه ماسك في العبث على منصة تويتر، إضافة إلى التقييم المبالغ فيه أصلا وتحذيرات الشركة من النقص، قد أدى إلى انخفاض سعر السهم بمقدار الثلثين على مدار الـ12 شهرا الماضية. في الربع من 2022، ارتفعت مبيعات “تسلا” بمقدار الثلث تقريبا عن العام السابق، لكن ذلك لم يكن كافيا. فقد كان الرقم دون التوقعات واستمر سعر السهم في الانخفاض. تقول شركة سي إف آر إيه لأبحاث الاستثمار “إن عمليات تسليم شاحنات سايبر تراك من شأنها أن تساعد على تبرير سعر السهم بقيمة 225 دولارا، بزيادة نحو مائة دولار عن سعر تداول أسهم شركة تسلا حاليا

لم يتضح بعد متى ستظهر السيارات وكم سيكون ثمنها، لكن لا يزال بإمكانك دفع مبلغ مقدم قيمته مائة دولار للحجز مسبقا “إضافة إلى 40 دولارا لقميص تخليدا لذكرى الزجاج الذي تحطم أثناء حدث الكشف عنها”. كما يقول موقع شركة تسلا الإلكتروني “إنه سيتم إرسال السعر النهائي عندما يقترب موعد التسليم غير المحدد”. يشير أحد المصادر الخارجية إلى أن إجمالي عدد الطلبات المسبقة يبلغ 1.7 مليون. نظرا لأن الإيداعات المقدمة قابلة للاسترداد، فلن تساوي جميع هذه الطلبيات عملية بيع سيارة واحدة، لكنها مؤشر على شعبيتها.

ما لا يثير الدهشة، أن كثيرا من الأشخاص الذين يرغبون في امتلاك شاحنة سايبر تراك يعيشون في سان فرانسيسكو ويعملون في مجال التكنولوجيا. أعرف اثنين قاما بدفع مبلغ مقدم للسيارة في 2019، كلاهما يقول “إنهما ما زالا يرغبان في شراء السيارة”، لكن لا يبدو أن أيا منهما منزعج بشكل خاص لأنهما لم يعرفا بعد متى قد يحدث ذلك. مثل أي قاعدة جماهيرية، فإن الدفاع عن الفكرة أمام المعارضين يأتي ضمنا مع “سايبر تراك”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى