النقل الجوي

رئيس طيران آسيا يدفع بالشركة إلى المنافسة في الخدمات الرقمية

يقول فيرنانديز: “لن تحصل Capital A على قيمتها الحقيقية، إذا ظلت في وضع التكتل، لذلك سأقوم بتفكيكها”. مصدر الصورة: CWKimages / Shutterstock

يبدأ الشريك المؤسس لشركة طيران آسيا AirAsia، توني فرنانديز، مشروعًا جديدًا في كمبوديا، ويطور تطبيق سوبر آب الذي يركز على السفر، بعد أن نجا من الجائحة والخسائر الفادحة التي تسببت بها.

بنى رجل الأعمال الماليزي المستقل، توني فرنانديز، شركة طيران آسيا AirAsia منخفضة التكلفة تحت شعار “الآن يمكن للجميع الطيران”، ثم وقع ضحية للجائحة، إذ لم يعد باستطاعة أي أحد الطيران فجأة.

أجبر تفشي كوفيد-19 فرنانديز على إغلاق فرع شركته في اليابان AirAsia Japan في عام 2020، وفي يونيو/ حزيران من العام الماضي، اضطر إلى بيع الفرع الهندي AirAsia India لشركة Air India وشريكتها Tata Group.

العودة إلى التحليق

تساءل بعض المحللين عن قدرة فرنانديز على الإبقاء على شركة AirAsia التي تتخذ من كوالالمبور مقرًا لها، خاصة مع حظر السفر الذي تلا الجائحة وما أعقبه من خسائر كبيرة وديون متزايدة، مع توقف أكثر من 90% من طائراتها خلال فترات انتشار المرض الكبيرة.

أما الآن، ومع إزالة معظم قيود السفر، عاد السفر الإقليمي للازدهار مرة أخرى. وأصبحت طيران آسيا ضمن شركات الطيران الآسيوية الأكثر انشغالًا بمعظم طائراتها المحلقة في الجو ثانية.

استغل فرنانديز فترة حظر الطيران المؤلمة في تنفيذ خططه السابقة لتوسيع الشركة إلى مجموعة متنوعة من خدمات السفر وأنماط الحياة. ولتحقيق هذه الغاية، أعيدت تسمية الشركة العام الماضي لتصبح Capital A، وتعكس أنها أكثر من مجرد شركة طيران (على الرغم من أن فرنانديز يقول إن أعمال شركة الطيران ستظل الأساس لأعمال الشركة الجديدة)، مع تقلده منصب الرئيس التنفيذي.

يعتمد هذا على تطبيق AirAsia Super التابع لشركة Capital A، وهو متجر شامل لحجوزات الطيران والخدمات الأخرى، مثل حجوزات الفنادق وتذاكر العبّارات وتوصيل الطعام والتأمين. يأمل فرنانديز أن يحذو تطبيقه حذو التطبيقات الفائقة الإقليمية مثل Grab وGoTo.

كُشف عن التطبيق لأول مرة في عام 2020 وتقوم الشركة بالتوسع في خدماته بانتظام، بتوفيرها في دول جديدة. كما أنها دخلت في شراكة مع غوغل للمساعدة على تطوير إمكانات التطبيق.

كذلك، اتخذ فرنانديز خطوات لتقوية الأساس المالي للشركة. في مارس/ آذار من العام الماضي، أكملت الشركة صفقة إعادة هيكلة سددت بموجبها ديون وحدة AirAsia X للمسافات الطويلة بما وصل إلى 33 مليار رينغيت ماليزي (7.8 مليار دولار)، بعد إعادة رسملة طيران آسيا بضخ 974.5 مليون رينغيت ماليزي من المساهمين الحاليين في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021.

لم يتجاهل فرنانديز أعمال الخطوط الجوية الأساسية لشركة Capital A. في ديسمبر/ كانون الأول، أعلن عن إطلاق شركة النقل المشتركة AirAsia Cambodia، ما يعد الخط الخامس لشركة الطيران في جنوب شرق آسيا، التي من المتوقع أن تبدأ الطيران في وقت لاحق من هذا العام بانتظار الموافقة التنظيمية.

 

طيران آسيا

لقد كان تأسيس طيران آسيا بمثابة مغامرة لفرنانديز والشريك المؤسس قمر الدين ميرانون. في عام 2001، استحوذ الاثنان على الشركة المكونة من طائرتين وحوّلاها إلى واحدة من أكبر شركات النقل الاقتصادي في جنوب شرق آسيا.

أعطى نجاح طيران آسيا دفعة قوية لفرنانديز، الذي كانت بدايته في شركة Virgin Music، الخاصة بريتشارد برانسون، قبل الانضمام إلى Warner Music، حيث عمل لمدة 12 عامًا.

حصل فرنانديز على لقب رجل أعمال العام في مجلة فوربس آسيا في عام 2010، ووضع الشركاء على قائمة أغنى 50 شخصًا في ماليزيا. ولكنهم خرجوا من القائمة في عام 2021، بسبب انخفاض سعر سهم الشركة بسبب الجائحة.

يركز فرنانديز بشكل كبير على توسيع شركته في ماليزيا والدول المجاورة، إذ تحقق أداءً اقتصاديًا أفضل من معظم دول العالم. يقول الرجل البالغ من العمر 58 عامًا: “نحن نضع بصمة علامتنا في جنوب شرق آسيا”. وأضاف أنه يريد فتح مشاريع مشتركة في “أكبر عدد ممكن من دول آسيا قبل التقاعد”.

بينما تستمر جميع شركات الطيران في مواجهة ارتفاع أسعار وقود الطائرات، يقول فرنانديز إن الوضع قد تحسن، إذ ساعدت زيادة أسعار تذاكر الطيران على التخفيف من ارتفاع أسعار وقود الطائرات. ويضيف أن الطلب قوي وشركات الطيران لم تعد تعاني من حروب الأسعار كما كانت في السابق.

كانت أسعار وقود الطائرات قد بلغت ذروتها عند 175 دولارًا للبرميل في يونيو/ حزيران، قبل أن تستقر عند 130 دولارًا في أوائل فبراير/ شباط، ويقول اتحاد النقل الجوي الدولي إن موجة انتعاش شركات الطيران قد استمرت، لا سيما في آسيا والمحيط الهادئ، حيث ارتفعت حركة الركاب بنسبة 363% في عام 2022 عن العام السابق.

على الرغم من تحسن أنشطة السفر بشكل ملحوظ في الربع الأخير من عام 2022، فإن المشكلات الناتجة عن الجائحة لم تحل بشكل كامل، إذ بلغت مطالبات استرداد الأموال من الشركة نتيجة الرحلات التي تم إلغاؤها في أثناء الجائحة نحو 2.1 مليار دولار.

وبينما أراد بعض العملاء استرداد نقودهم، أوضحت الشركة أنها سددت 94% من المبالغ من خلال قسائم السفر.

التحول الرقمي

يركز فرنانديز في بناء Capital A على الأعمال الرقمية، تلك المنطقة التي يتنافس فيها تطبيق طيران آسيا الفائق مع الشركات الرقمية الإقليمية الكبيرة من أمثلة Grab Holdings وGoTo. بيد أن هذا لم يردع فيرنانديز الذي يؤكد أن طيران آسيا التي تحلق إلى جميع دول الآسيان العشر – “يمكن أن تكون شركة سفر رقمية قوية جدًا”.

يركن فرنانديز إلى حقيقة أنه يمتلك شركة الطيران الخاصة به، وهو ما لا يحظى به المنافسون. كما يمكن استخدام تطبيقه الفائق في ترتيب السفر البري إلى بعض الوجهات الأكثر شعبية في المنطقة، مثل سيم ريب في كمبوديا وبوراكاي في الفلبين.

ويتوقع فرنانديز أن يعزز التطبيق الفائق من أعمال طيران آسيا، إذ إنه يوفر الخدمات المالية أيضًا. توضح BigPay، وحدة التكنولوجيا المالية التابعة لشركة Capital A، أنها تقدم أفضل أسعار الصرف. يقول فرنانديز: “لقد طورنا التطبيق الفائق بحيث تكون التكنولوجيا المالية إحدى ركائزه، وهو عنصر أساسي مرتبط بالسفر”.

العودة للربحية

بعد الخسائر الفادحة التي تكبدتها طيران آسيا في السنوات الأخيرة بسبب الجائحة، من المتوقع أن تعود الشركة لجني الأرباح العام المقبل وسط تجدد الطلب على السفر.

يقول رئيس قسم أبحاث المستهلك والإنترنت في Aletheia Capital في سنغافورة، نيرغونان تيروتشيلفام، عن أنشطة Capital A الأخيرة: “لديهم الكثير بالتأكيد”. بيد أن الشكوك تراوده حول مدى النجاح الذي قد تحظى به شركة النقل في ظل المنافسة القوية مع شركات معروفة بالفعل في القطاع. ويقول عن تحول شركة الطيران إلى شركة خدمات سفر وأسلوب حياة قائمة على التطبيقات: “لا أعرف أي أمثلة حققت هذا”.

من المؤكد أن شركة Capital A توسع خدماتها في سوق متنامية، حيث يزداد انتشار الخدمات الإلكترونية، مثل حجوزات السفر والتجارة الإلكترونية والخدمات المالية الأخرى بين سكان جنوب شرق آسيا البالغ عددهم 650 مليون نسمة.

يضم تطبيق الشركة الفائق نحو 12 مليون مستخدم نشط شهريًا، بينما تستفيد وحدة الخدمات اللوجستية التابعة لشركة Capital A من التجارة الإلكترونية المزدهرة في المنطقة. ويعتمد فرنانديز أيضًا على كمبوديا للمساعدة في تعزيز أعمال الشركة. بدأت طيران آسيا الطيران إلى كمبوديا من كوالالمبور في عام 2005، وتتوقع الآن أن تكون البلاد مركزًا للنشاط مع إطلاق فرع الشركة في كمبوديا.

تمتلك شركة طيران آسيا بالفعل محاور للخطوط الجوية في كوالالمبور وجاكرتا ومانيلا وبانكوك، ما يعني أن مشاريعها المشتركة المحلية يمكنها نقل الركاب من هذه الأماكن، ونقلهم إلى دول مثل الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية.

فرع الشركة في كمبوديا

ينقسم فرع الشركة في كمبوديا بين Capital A، التي ستمتلك 51% من أسهم المشروع، وشركة طيران Sivilai Asia، التي ستمتلك 49%. سيتولى مدير Sivilai، فيسوث نام، منصب الرئيس التنفيذي لشركة طيران آسيا كمبوديا، وهو رجل أعمال كمبودي عمل في البنك المركزي للبلاد، وصندوق النقد الدولي.

ستبدأ الشركة رويدًا بعدد يتراوح بين طائرتين إلى أربع طائرات في العام الأول، بيد أن الشركاء يتوقعون لها نجاحًا كبيرًا. يقول نام البالغ من العمر 32 عامًا: “ستحفز سهولة السفر إلى جانب تقديم أفضل الأسعار الطلب على السفر الجوي”.

كانت كمبوديا وجهة سياحية شهيرة قبل الجائحة، إذ بلغ عدد السياح بها 6.6 مليون زائر في عام 2019، وحققت إيرادات بقيمة 1.8 مليار دولار، وفقًا لوزارة السياحة في كمبوديا.

يتزامن هذا أيضًا مع فتح بكين أخيرًا لحدود الصين، بعد إغلاق دام ثلاث سنوات بسبب الجائحة، وبالتالي ستزداد أعداد المسافرين من الصين. ويعتقد فرنانديز أن طيران آسيا ستحقق ضعف أعداد المسافرين من الصين بسهولة، ومع مرور الوقت تستطيع أن تستقطب الزوار من الهند واليابان وكوريا الجنوبية.

تكبدت Capital A خسائر كبيرة بسبب الجائحة، فقد بلغ إجمالي الخسائر 6.3 مليار رينغيت ماليزي لعامي 2020 و2021. وسيتم الإعلان عن النتائج المالية لعام 2022 في نهاية فبراير/ شباط (بعد نشر المقال).

وعلى الرغم من تحسن العمليات في الربع الأخير، تتوقع شركة الخدمات المالية Maybank أن تخسر الشركة 2.9 مليار رينغيت ماليزي في عام 2022، وهي زيادة طفيفة عن خسائر العام السابق التي بلغت 2.8 مليار رينغيت ماليزي، قبل العودة إلى الربحية التي قد تبلغ 258 مليون رينغيت ماليزي، في عام 2024.

يقول المحلل في Maybank، صامويل ين، إن طيران آسيا تمكنت من مضاهاة عودة الطلب على السفر؛ لأنها اتخذت القرار الصحيح بالإبقاء على عقود العديد من طائراتها المعطلة في أثناء الجائحة.

بينما أعادت شركة طيران آسيا تشغيل 150 طائرة (مع توقع عودة 54 طائرة أخرى إلى السماء في النصف الأول من هذا العام)، استمرت المجموعة في مواجهة المشكلات المحاسبية بعد أن شككت شركة التدقيق إرنست ويونغ في قدرة المجموعة على الاستمرار، واعتبرتها شركة متعثرة ماليًا بموجب البند 17 (PN17) لبورصة الأوراق المالية الماليزية.

وضعت الشركة تحت حالة PN17، لأن قيمة التزامات وحدة المسافات الطويلة AirAsia X تجاوزت أصولها. في نوفمبر/ تشرين الثاني، قال فرنانديز إن هذه الحالة “لا تعكس بدقة كفاءة الأعمال وآفاقها”، ويتوقع إلغاءها بحلول النصف الثاني من هذا العام.

يأمل فرنانديز في أن يعيد هيكلة أعماله بحيث ينقلها إلى آفاق جديدة، إذ يخطط لتجزئة Capital A إلى أربعة أفرع على مدار السنوات القليلة القادمة، أحدها للتطبيق الفائق، وآخر لشركة الخدمات اللوجستية Teleport، والثالث لذراع التكنولوجيا المالية للمجموعة BigPay، والرابع لوحدة صيانة الطائرات وإصلاحها Asia Digital Engineering.

يقول فيرنانديز: “لن تحصل Capital A على قيمتها الحقيقية، إذا ظلت في وضع التكتل، لذلك سأقوم بتفكيكها”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى