سيارات

صناعة السيارات الأمريكية: لا غنى عن الصين الآن

تحاول أكبر شركات صناعة السيارات في العالم إضعاف جهود إدارة بايدن لاستبدال مكونات أمريكية بالمكونات الصينية في صناعة المركبات الكهربائية، نظرا لاعتماد الصناعة الأمريكية على مواد البطاريات التي تتم معالجتها في الخارج.

يقدم “قانون خفض التضخم”، تشريع المناخ الرائد للرئيس جو بايدن، ائتمانات ضريبية سخية للمركبات الكهربائية المصنوعة في أمريكا الشمالية.

القواعد الجديدة المتعلقة بأصل البطاريات ومكوناتها والمعادن المهمة التي تتكون منها ستدخل حيز التنفيذ على مراحل بدءا من 2024.

بدءا من ذلك العام، وللتأهل للحصول على ائتمان ضريبي يبلغ 7500 دولار حدا أقصى متاحا بموجب القانون الجديد، يجب ألا تحتوي بطاريات المركبات الكهربائية على أي مكونات يتم تصنيعها أو تجميعها “بواسطة كيان أجنبي مبهم” – إشارة إلى الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية.

وفي 2025 يجب أن تستثني هذه البطاريات المعادن المهمة المستخرجة، أو المعالجة، أو المعاد تدويرها في الدول المذكورة.

ولا تزال شركات صناعة السيارات تعتمد بشكل كبير على المعادن المعالجة في الصين، وتشعر بالقلق من أنها ستخسر العملاء مقابل أي مركبة لا تجعلها الحكومة الأمريكية أرخص بمقدار 7500 دولار.

في البداية رحبت شركات صناعة السيارات بالقانون الجديد، بينما كانت الشركات ومجموعاتها التجارية تضغط من أجل تخفيف القواعد المتعلقة بما يعتبر شركة مملوكة للصين، ودعا بعضها إلى استمرار السماح بقدر صغير من المحتوى الصيني.

قال كريستوفر سميث، كبير مسؤولي الشؤون الحكومية في شركة فورد “نظرا لأن صناعتنا تعمل على توطين سلسلة التوريد لدينا، فإن الوضوح والتوجيه بشأن ما يمكن أن يشكل (الكيان الأجنبي المعني) ضروري لضمان أن المشاريع المشتركة في استخراج المعادن المهمة، أو معالجتها، أو إعادة تدويرها لن تتسبب في استبعاد المركبات تلقائيا من الائتمان الضريبي. من الضروري وجود إرشادات واضحة بشأن نطاق الملكية”.

كانت “فورد”، و”ستيلانتيس”، و”فولكسفاجن” من بين شركات صناعة السيارات التي تطلب من الجهات التنظيمية وضع حد يسمح بكمية صغيرة من المحتوى الصيني في البطاريات. اقترحت “فولكسفاجن” تحديد الكمية بـ10 في المائة أو أقل.

وتريد فورد تجنب إطلاق وصف “الكيان الأجنبي المعني” على أي شركة مؤسسة في الولايات المتحدة، بغض النظر عن الملكية، وكذلك على المشاريع المشتركة التابعة للدول المدرجة في القائمة السوداء.

في تموز (يوليو) الماضي قالت شركة صناعة السيارات التي تتخذ ديربورن، ميشيجان، مقرا لها، “إن شركة كاتل الصينية للبطاريات ستوفر بطاريات للسيارة موستانج ماك إي في العام المقبل وللشاحنة إف-150 لايتنينج في 2024”. ووقعت الشركتان على مذكرة غير ملزمة لاستكشاف إمكانية مزيد من توسيع العلاقات.

كريستين دزيتشيك، خبيرة سياسة السيارات في الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، أشارت إلى أن الصين استثمرت في التنقيب عن المعادن المهمة حول العالم على مدار العقد الماضي.

وبينما يتم تعدين الرواسب المعدنية حيث يتم اكتشافها، تفيد وكالة الطاقة الدولية بأن الصين تتحكم في معالجة 35 في المائة من النيكل في العالم، ونصف الليثيوم، و60 في المائة من الكوبالت، و90 في المائة من العناصر الأرضية النادرة.

يتركز الإنتاج في جميع مراحل سلسلة توريد بطاريات المركبات الكهربائية في عدد قليل من الشركات، مع هيمنة الشركات الصينية على تصنيع الكاثودات والأنودات، وكلاهما مكون أساسي في البطاريات.

وجد تحليل أجرته وكالة الطاقة الدولية أخيرا أن سبع شركات كانت مسؤولة عن أكثر من نصف الإنتاج العالمي من الكاثودات.

اثنتان من بين أكبر ثلاث شركات كانتا صينيتين.

أضافت الوكالة أن “أكبر ست شركات مصنعة للأنودات صينية وهي تمثل ثلثي الطاقة الإنتاجية العالمية”.

وأوضحت دزيتشيك أن هيمنة الصين تعني لشركات صناعة السيارات الأمريكية أن “التحول المفاجئ (…) سيكون صعبا”.

مع ذلك يبدي ممثلو الموردين الأمريكيين حرصهم على تعجيل قدوم اليوم الذي يتم فيه تقليص دور الصين في صنع البطاريات.

قال بن شتاينبرج، من فين ستراتيجيز، شركة ضغط في واشنطن تمثل مصنعي البطاريات الأمريكيين وعمال المناجم المهمين، “إن السماح للمحتوى الصيني عبر الثغرات الحالية ستكون له آثار طويلة المدى على سلسلة التوريد”.

وأضاف “صناعة أمريكا الشمالية مهتمة بإنشاء متجر في بلدنا، ونحن بحاجة إلى منحهم جميع الفرص لتحقيق ذلك”.

أمام شركات صناعة السيارات والموردين والمجموعات البيئية حتى نهاية العام للضغط على دائرة الإيرادات الداخلية، التي تخطط لإصدار القواعد النهائية في ذلك الوقت.

قال سام أبو السميد، المحلل في شركة جايد هاوس إنسايتس، “إن مخاطر الصراع حول (قواعد المحاسبة الغامضة) مرتفعة، لأن شركات صناعة السيارات تريد أن تكون قادرة على جعل المركبات الكهربائية ميسورة التكلفة قدر الإمكان، حتى تتمكن من بيع أكبر عدد ممكن منها”.

وأضاف أبو السميد أن “صناعة السيارات الأمريكية ترغب في النهاية في إعادة تشكيل سلسلة التوريد من أجل تجنب اضطرابات الإمداد التي ابتليت بها منذ العام الماضي”، مشيرا إلى أنها فقط لا ترغب في التحرك بالسرعة التي تفرضها مصلحة الضرائب.

تشاد باون، زميل في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، يرى أنه “من الصعب للغاية فصل الصين عن سلسلة التوريد هذه. لتحقيق ذلك عليك استخدام أدوات السياسة التي لم نفكر في استخدامها من قبل”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى